القائمة الرئيسية

الصفحات

"مادونيا الشوارع" هي الأم الصغيرة

 


"مادونيا الشوارع" هي الأم الصغيرة.

في عام 1897 وُلد الفنان الإيطالي "روبيرتو فيروتزي".

تُعَدُّ هذه اللوحة واحدةً من أشهر اللوحات على مستوى العالم، وأشهرها انتشاراً واستنساخاً. وكان "روبيرتو" يهدف إلى رسم صورةٍ تُمثِّلُ الأمومة، ولذلك سماها في البداية "مادونيا".


الفقرة المذكورة تعني أن اللوحة المسماة بـ "الميلاد الصغير" في اللغة الإيطالية، لم يكن الرسام يخطط لرسم صورة دينية، ولكن مع مرور الوقت، تحولت اللوحة إلى صورة دينية تصور الأم وابنها الرضيع، وربما كان هذا الخلط في الرسم يساهم في شهرة اللوحة وانتشارها المستمر.


الفتاة التي تظهر في اللوحة تُدعى "انجيلينا"، وتمثل عمرها الحادية عشرة، بينما الطفل الذي تحمله هي أخوها الأصغر الذي يبلغ من العمر عشرة أشهر ، رأى الفنان الفتاة والطفل في مدينة فينيسيا في موسم الشتاء، حيث كانوا يرتدون ملابس ثقيلة، وكانت الفتاة تحمل شقيقها بين ذراعيها لحمايته من البرد. على الرغم من صغرها في السن، إلا أنها تعبّر عن شعور عميق بالأمومة بينما تحتضن الطفل.


كان "روبيرتو" رسامًا في منتصف أربعينيات عمره وشاهد "انجيلينا" ، فأعجب بجمالها وبراءة وجهها، وبالتالي قرر رسمها وشقيقها ، عندما تم عرض اللوحة في "فينيسيا" في تلك السنة، حظيت بإشادة النقاد واستحسان الجمهور بسرعة، وحصل الرسام على جائزة عليها. بدأت اللوحة بشكل تدريجي تحظى بمكانة مقدسة واستُنسخت آلاف المرات للاحتفال بالمناسبات الدينية والاجتماعية مثل عيد الميلاد وحفلات الزفاف.


ظهرت نسخ معدلة من هذه اللوحة على مدى السنين، حيث تم إضافة غيوم وهالات مقدسة لدعم التفسير الديني لها. أراد الفنان روبيرتو تصوير لحظة من العطف والرحمة بين شقيق وأخته، فرسم لوحة مؤثرة ومعبرة تتحدث إلى كل فرد بعفويتها وصدقها ، يتجسد في الرسم فتاة تحمل شقيقها النائم بلطف على كتفها، وتقف أمام منزل وكأنها تلتمس المأوى أو الطعام. تتميز الفتاة بسحر خلّاب وعباءة خضراء، وغطاء رأسٍ ذهبيّ، ويتميز الطفل النائم بمحياً ملاكيّ.


بعد عدة سنوات من رسم هذه اللوحة، تزوجت "أنجيلينا" وهي في سن التاسعة عشر، وغادرت "إيطاليا" إلى "أمريكا" خلال الحرب العالمية الأولى مع زوجها. استقرا في "كاليفورنيا" وعاشا حياة مريحة، وأنجبا عشرة أطفال.


في عام 1929، تُوفي زوجُ "أنجيلينا" فجأة عن عمر يناهز اثنين وأربعين عامًا بسبب مرضٍ غير متوقعٍ، وتحدت "أنجيلينا" الكثير بعد ذلك من أجل إطعام عائلتها الكبيرة والعناية بها. ولكن، بسبب التعب والإرهاق، أُصيبت بانهيار عصبي وقضت بقية حياتها في مصحة نفسية، وفُرِّضَ ترك أبنائها الصغار في دار للأيتام، لكن كان ابناؤها مخلصين لأمهم حتى وفاتها في عام 1972.


أصبحت ميري، إحدى بنات انجيلينا، راهبة. وكانت تتلقى الأسئلة حول ماضي عائلتها وظروف وفاة والدها وجنون أمها. كما كانت تتساءل عن أقارب والديها في إيطاليا وهل مازالوا على قيد الحياة وماذا يمكنهم أن يخبروها عن أسلافها. سافرت ميري إلى إيطاليا عام 1970 وعرفت مكان اثنتين من خالاتها، شقيقات والدتها.


كانت الأختان في الثمانينات من عمرهما ولم يعد لديهما الأمل في معرفة حقيقة ما حدث لأختهما بعد هجرتها مع زوجها إلى "أمريكا". قامت إحدى الأختين بإظهار صورة شخصية لوالدتهما لميري وقالت لها أن والدتها كانت نموذجًا للوحة رسمت في نهاية القرن الماضي.


"ميري" لم تفكر أبدًا أن الفتاة التي تظهر في اللوحة يمكن أن تكون أمّها، وقد رأت نسخًا منها من قبل. لكن عندما عَرَفَت عائلة "ميري" في "أمريكا" عن اللوحة، كانوا مذهولين وأرادوا التحقق من الحقيقة. وبعد البحث والتحري، توصلوا إلى مكان ابن شقيق الرسام الذي لم يزال يعيش.


استنادًا إلى مذكرات الرسام الشخصية ، تم الكشف عن وجود دليل واضح على أن والدة "ميري" هي المرأة التي تظهر في اللوحة. وقد تم بالفعل التعرف على الرضيع الموجود معها ، الذي كان عمره عشرة أشهر في ذلك الوقت ، وهو شقيقها الرضيع "جيوفاني".


خلال حياتها، لم تفصح "انجيلينا" لأولادها أبدًا عن اللوحة، وفضّلت الحفاظ عليها في سرّ لأسباب غير معروفة. ومع ذلك، تبدو عائلتها غير سعيدة بعنوان اللوحة "مادونيا الشوارع"، ربما لأنه يلمّح إلى التشرّد بشكل غير مباشر، وتراه العائلة غير مناسب. ويعتقدون أنّ العنوان الأصليّ "الأم الصغيرة" هو الأفضل.


يواصل أحفاد "أنجيلينا" البحث عن اللوحة الأصلية دون أي جدوى، ويتأكدون من عدم تطلعهم لامتلاكها، بل يتمنون فقط مشاهدتها وتفاصيلها ولمس ألوانها، وذلك لأن الرسام كان يعرف جدتهم وجدهم بشكل قريب.


يتداول الخبر بأن اللوحة الأصلية قد اختفت من "إيطاليا" خلال فترة الحرب العالمية الثانية، وأنها ربما ضاعت أثناء رحلة بحرية في المحيط الأطلسي. ومع ذلك، هناك رأي آخر يشير إلى أن اللوحة قد انتقلت إلى إحدى المجموعات الفنية الخاصة في "أمريكا".

تعليقات