في ليلةٍ مظلمة ومُمطِرة، كنتُ أجلسُ في مقهى هادئ يحيطُ به السكون، يلاحظ الناس كانوا قرروا الاحتماء في المنازل من هول ما ستُسفر عنه تلك العاصفة الهادرة. كنتُ وحيدًا، بداخلي شعور غريب من القلق والتوتر الذي لم أشعر به من قبل.
فيما أشربُ فنجان القهوة الساخنة للتدفئة، لاحظت شخصًا غريبًا يجلس بجوار الباب. كان يبدو عابسًا وغامضًا، وتسربت منه طاقةٌ سلبية تُرعِش الأجواء حوله. استطردتُ في النظر إليه، محاولًا فهم ما يشغله.
توقفتُ فجأةً عن تركيزي عندما شعرتُ بنظراته الباردة تتسلل إلى عينيّ. لم أشعر بالارتياح وأنا بصدد مواجهة عيونه القاتمة، لكنني لم أستطع تجاهله. صرخَت نفسي لأقنعها بأنه كان لا يعني أي شيء بالنسبة لي، لكن ذلك لم يكن صحيحًا.
عَاودَ بصرهُ الخاوي النظر نحو الزجاج المشتبك بالمطر، وبينما كانت يدي تتعاملُ مع الكوب، باغتتني صوتٌ يملأ المكان. من نظراته القاتمة ولُحيته الشيبانية الطويلة، نطق بكلماتٍ مرعبة تملأ أذني:
"أطلب منك أن تحاذر ما تعايشه في حياتك اليومية. الواقع يخبئ أشياءً لا يمكن تصورها، وأنت محاطٌ بالمخاطر التي تلمح ولكنك تتجاهلها."
أصابني الذعر والرعب في آنٍ واحد، كيف يعرف هذا الشخص عن حياتي ومخاوفي الخفية؟ "من أنت؟"، تساءلت بخوفٍ وضيقٍ في صوتي، فأجاب بابتسامة غريبة وهمسٍ نشور:
"أنا العين الخفية، أرى ما لا يُرى، وأعرف ما لا يُعرف. تحت تعليماتي، أنا أسود القلب".
شعرتُ بالثلج يجتاح عروقي وأعيني بدأت تتأمل فزعًا. بمجرد ذلك، انقضى شخصٌ آخر من الظلام واقترب مني بهدوء شرير، وكأنه يتجنّب الأضواء الساطعة. كان وجهه شاحبًا وقلب الرعب في أعماق قلبي.
"أنا الظل الذي يحقق أمنياتك المظلمة ويحيا أحلامك الشريرة"، همس الظل الشرير في أذني، مما جعلني أغمضُ عيني من الرعب.
لم أكن أعرف كيف أستجيب لهذا الواقع المرعب الذي كنت الآن جزءًاً منه. كان كل شيء مخيفًا للغاية ولا يمكنني الهروب. كان أسوأ كابوس تتخيله أفكاري يتجسد أمامي.
ومنذ تلك اللحظة، أصبحتُ مُحاصرًا في عالمٍ مظلم ومخيف لم أكن أعرف عن وجوده من قبل. كانت المخاطر الخفية تظهر بشكل لا يُعقَل وتهاجمني بلا رحمة. بدأتُ أدرك قوة الظلام التي تنمو بداخلي وتتغلب على النور الذي كنت أحمله.
رددتُ اسم المظلمة بصوتٍ مرتفع، وتساءلت إن كانت قوتها ستنقذني من هذا الكابوس المرعب. ثم، انتشرت بين المظلمين الصرخات والقمع البارد للظلام. كانت المظلمة تضرب جميع المخاوف والشرور التي خيطتما معًا.
حان الأوان للقتال، لأن الوقت قد حان لأفشاء الحقيقة ومواجهة هذه الظواهر المريبة المنبثقة من الواقع. فلتجترب قوة النور المتوهجة وحكمتها لهزيمة ضلام الواقع، احذر ما يُخفيه الواقع، ولا تدع المظلمة تسحبك إلى عالمها الشيطاني. استعد لرحلة البحث عن النور واستعيد هذه الحقيقة المفقودة من جديد.
تعليقات
إرسال تعليق
منصة Hala الثقافية
اترك تعليق لنا